النص الأدبي أفق يسري فيه الصوت وتتابع الصور
العمل الإبداعي مساحة صوتية مرئية: الصوت فيه هو الأثير الناقل للنبض والصور هي "البان" أو التكوين الجمالي الذي يسطع في مخيلة المتلقي أو فلنقل "المدرك" لأن هناك فرقا بين التلقي والإدراك، فالتلقي قد يكون سلبيا أما الإدراك فهو عملية ذهنية نفسية تعالج ما تتلقاه الحواس.
أي نص يمكن التعامل معه من خلال ثنائية الصوت والصورة:
في معالجة الصوت علينا أن نحدد:
- مرجعية المتكلم في النص:
الضمير المستخدم: متكلم / مخاطب/ غائب/ مفرد/ جمع/ مذكر/ مؤنث / ذات/ شيء
- إيقاع الصوت: تعامله مع الزمن في المتوالية اللغوية أو الجملة الإبداعية: التكرار وأشكاله والخروج عليه/ علاقة البناء الصوتي بالوحدات النصية الأكبر: الصيغ الصرفية/ الجملة/ التماسك النصي/ الدلالات الإيحائية للأصوات
- نبرة الصوت: هادئ/ حاد/ ساخر.........
- تشخيص الصوت في نموذج: شخصية لها مقومات ورأي
- الآحادية والتعدد: صوت واحد في النص أو أصوات/ كل صوت منفرد في حيزه أو السياق متشابك/ المونولوج والديالوج/ تقاطع الأصوات في المونولوج/ التناص أو التعدد الصوتي في التشكيل اللغوي للنص وتوظيف الصوت المتكلم للتناص: ذاكرة / استلهام إبداعي في التشكيل/ مع من يقف الصوت/ من يرفض (من الأصوات المحيطة)
- موقف الصوت: انتماء/ اغتراب/ قبول/ رفض/ نقد/ ترسيخ/ تحذير/ تحريض/ إقبال/ إدبار
- العلاقات الدرامية الناتجة عن تعدد الأصوات
- طبيعة الصوت: مؤرخ/ مسجل/ معلق
الصــــــورة:
- ماذا نرى في الأفق البياني: المرئيات/ النماذج الشخصية/ الأشياء/ الفراغ/ الثبات/ الحركة/ اللقطة أو المشهد وتتابع المشاهد أو تعددها أو تجاورها
- كيف نرى: موقع الراوي/ زاوية الرؤية أو المنظور أو وجهة النظر
- علاقة المرئيات: بؤرة الصورة/ الخلفية/ الهامش/ التماسك التصويري: تحديد العلاقات بين عناصر الثورة
- ألوان الصورة: هادئة / صارخة / محايدة: علاقة اللون بالإضاءة
هذا التصور يمكن الإفادة منه في تحليل أي نص أدبي سواء أكان شعريا أم سرديا أم مسرحيا
في نص فاروق جويدة: النجم يبحث عن مدار الذي رأينا منه "وجه جميل/ طاف في عيني قليلا واستدار"
نلاحظ أن الصوت يرى.. الصوت يشاهد/ ثم يعلق في النهاية
لا نعرف أن الصوت خاص بالمتكلم المفرد إلا من كلمة "عيني" أي من حاسة الرؤية نفسها فهذه الكلمة هي نقطة التقاء الصوت بالصورة، بالتالي فالقصيدة هي قصيدة رؤية
القصيدة سعي إلى الرؤية.. ولكن هل الرؤية داخلية أو أنها ترصد ما بالخارج؟
إن الوجه المرئي طاف في العين.. فهو في حاسة البصر.. هو في الداخل.. وهو في حالة حركة سريعة.. وميض من نور جميل
وجه جميل.. ذاك الموصوف الذي أتى في صيغة النكرة التي تحتمل كثيرا من المعاني المطلقة.. وجه أتمناه وأحبه وأبحث عن ذاتي فيه..
ثم حركة درامية.. محاولة لإدراك الوجه..
رؤية وجه (الذات) في الجدار.. رؤية وجه الواقع في فضاء مصمت مغلق
العالم الجميل الذي نراه في لحظة بأعماقنا.. لحظة حقيقة إدراكية.. والعالم المغلق الذي نرى فيه صورتنا المألوفة
فاروق جويدة صوت أفلاطوني.. الحقيقة هي التصور الذي يسكننا.. الحقيقة هي مرآة في أغوار أنفسنا نراها في بصيرتنا
والواقع الذي نعيشه حصار ثابت يعوق حركتنا نحو الحقيقة
الواقع الذي نعيشه جدار تنعكس عليه صورنا التي لا تضاهي الحقيقة التي نتمناها وتتجلى لنا في لحظة صدق تنير بصيرتنا لنظل في سعي دائم إلى الوجه الجميل المطلق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق