الأحد، 22 يوليو 2012
فن السيرة الذاتية
تبدو السيرة الذاتية وجودا للكاتب في الكتابة، بمعنى أنها محاول لوضع النفس
في الرمز كما لو كانت الكلمات قد تحولت إلى خطوط وألوان ومساحات تشغل فضاء الصفحة
وتتوزع بين البؤرة والخلفية، ولكن هل يمكن أن تتحول الكلمة إلى صورة فتصبح السيرة
أيقونة دالة على المؤلف؟ وهل يريد المؤلف بالفعل أن يقدم لنا صورته كما ألفها؟ لو
كان الأمر كذلك لاكتفى كتاب السير الذاتية في عصر الصورة الآن بوضع مجموعة من
صورهم بين دفتي كتاب لكي نراهم، إن الأمر ليس هكذا فالكاتب يبحث عن خفايا المرجع،
أو فلنقل يبحث عما وراء الملامح، إن الكتابة هي "الميتا صورة" أي البعد
التفسيري للصورة، وحينما يدخل الكاتب في عملية تفسير نفسه فإنه يتجاوز الأيقونة
وما تمنحه من مدلول تخيلي مباشر، الكاتب يتحول إلى خطاب عابر للصورة، نظن أننا نمسك
به لنجده ينساب من بين أيدينا ويتوارى عن في فضاء عميق لحكايات متداخلة ممتدة
كدهاليز حافلة بالأسرار، أو كمغامرة "علي بابا" المتخمة بكنوز لا يعرف
من تركها لها حصرا وعلى الداخل الذي أدرك شفرة فتح باب النص أن يحمل من تلك الكنوز
في صفحة قراءته ما تسمح به موهبته وإجراءاته وخبراته النصية، فالذي يظن أن السيرة
الذاتية صورة "حقيقية" للكاتب ينخدع بالتعامل مع الرموز بخاصة الرمز
الكلامي الذي ينسج خيوطا لانهائية يقع القارئ في متونها.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)